مقدمة
تعتبر كرة القدم في تونس أكثر من مجرد رياضة إنها جزء من الهوية الثقافية والتاريخية للبلاد. ومنذ بداية القرن الماضي، كانت الملاعب التونسية شاهدة على ظهور العديد من اللاعبين الذين سطروا أسماءهم في تاريخ الكرة العالمية. هؤلاء اللاعبون، الذين حملوا لواء المنتخب الوطني وأنديتهم على مر السنين، لم يقتصر تأثيرهم على التميز المحلي فحسب، بل تعدى ذلك ليصبحوا جزءًا من أساطير كرة القدم في إفريقيا والعالم.
لكن من بين هؤلاء اللاعبين، هناك عشرة فقط كانوا أكثر تأثيرًا وتميزًا، سواء من خلال مهاراتهم الفائقة، أو إنجازاتهم العديدة، أو حتى شخصياتهم القوية التي ساهمت في رفع اسم تونس عاليا. في هذا المقال، سنتعرف على أفضل عشرة لاعبين في تاريخ تونس، الذين قدموا الكثير لكرة القدم وأصبحوا رمزًا لأجيال متعاقبة.
تنويه :
التصنيف كان بناء على سبر أراء قامت به منصة كورة تونسية غياب أحد النجوم لايعني أنه لايستحق التواجد في القائمة

طارق ذياب: إمبراطور الكرة التونسية
طارق ذياب، الذي وُلد في 15 يوليو 1954، هو أحد أبرز لاعبي كرة القدم في تاريخ تونس. بدأ مسيرته في كرة القدم في أكاديمية عبد الرحمن بن عز الدين في عام 1966، حيث تدرب جنبًا إلى جنب مع رفاقه هادي بياري ولطفي العروسي. في وقت مبكر من مسيرته، أظهر ذياب موهبة فريدة جعلته يبرز في صفوف نادي الترجي الرياضي التونسي. كما أبدع في مركز صانع الألعاب، ليكون أحد أعظم اللاعبين في تاريخ الكرة التونسية.
على مدار مسيرته، حقق طارق العديد من الإنجازات الكبيرة، حيث يعتبر اللاعب التونسي الوحيد الذي فاز بالكرة الذهبية الإفريقية في عام 1977، ما يعكس مدى تألقه في الساحة القارية. كما شارك مع المنتخب التونسي في نهائيات كأس العالم 1978 في الأرجنتين، وكان له دور محوري في تأهل تونس إلى الألعاب الأولمبية في سيول 1988. في تلك الألعاب، سجل هدفين ضد المنتخب المغربي في التصفيات، إضافة إلى هدف في النهائيات ضد السويد.
بعد مسيرته الرياضية الحافلة، التي شهدت تألقًا مع الترجي الرياضي والتتويجات المحلية والدولية، قرر طارق ذياب اعتزال اللعب نهائيًا في عام 1990. كانت آخر مباراة له في إياب كأس إفريقيا ضد الأهلي بالقاهرة. عقب اعتزاله، أصبح محللاً رياضيًا على قناة “آر تي” ثم “الجزيرة الرياضية”، حيث أمضى سبع سنوات في تقديم تحليلات فنية معمقة قبل استقالته في ديسمبر 2011 بعد تعيينه وزيرًا للشباب والرياضة في حكومة حمادي الجبالي، ثم في حكومة علي العريض.
التتويجات والإنجازات:
- الرابطة التونسية المحترفة الأولى: 1975، 1976، 1982، 1985، 1988، 1989.
- كأس تونس: 1986، 1989.
- كأس خادم الحرمين الشريفين: 1979.
- جائزة أفضل لاعب في الدوري السعودي: 1979.
- الكرة الذهبية الإفريقية: 1977.
- أفضل لاعب وسط في إفريقيا: 1977.
- أفضل لاعب تونسي في القرن 20.
طارق ذياب ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو رمز رياضي تونسي عظيم. تاريخ كرة القدم التونسية لا يُكتب إلا بذكر “الإمبراطور”، الذي ترك بصمته في كل مرحلة من مراحل مسيرته الرياضية.

حمادي العقربي : ساحر الأجيال
حمادي العقربي، الذي وُلد في 20 مارس 1951 في صفاقس، هو أحد أساطير كرة القدم التونسية وأحد أبرز اللاعبين في تاريخ النادي الرياضي الصفاقسي. يعتبر العقربي من أبرز لاعبي خط الوسط في جيله، حيث اشتهر بموهبته الاستثنائية التي جعلته يسطع في سماء كرة القدم العربية والإفريقية. لعب مع النادي الصفاقسي لسنوات طويلة، وحقق مع الفريق العديد من البطولات المحلية والدولية، ليُلقب بـ “ساحر الجيلين”.
بدأ العقربي مسيرته مع النادي الصفاقسي في عام 1970، وحقق معه العديد من الألقاب المحلية، منها الدوري التونسي في أعوام 1978، 1981، و1983. كما انتقل للاحتراف في السعودية مع نادي النصر في موسم 1979-1980، ثم انتقل إلى العين الإماراتي لفترة قصيرة، قبل العودة مجددًا إلى النادي الصفاقسي حتى عام 1986.
على المستوى الدولي، كان العقربي جزءًا من المنتخب التونسي في نهائيات كأس العالم 1978 في الأرجنتين، حيث قدم أداءً مميزًا وأثبت جدارته على الساحة العالمية. سجل العديد من الأهداف في تصفيات كأس العالم وبطولات أخرى، مما جعله من اللاعبين المميزين في تاريخ الكرة التونسية.
بعد اعتزاله في 1989، تم تكريمه من قبل النادي الرياضي الصفاقسي حيث أُلغِي رقمه 8 في 2017، وأُقيم تمثال له أمام ملعب الطيب المهيري في صفاقس تكريمًا لإسهاماته الكبيرة في كرة القدم التونسية. كما تم تغيير اسم الملعب الأولمبي برادس إلى اسمه في 2020 بعد وفاته، وهو ما أثار جدلاً سياسيًا حول اللوائح المتعلقة بتسمية المنشآت.
الإنجازات والتكريمات:
- الدوري التونسي: 1978، 1981، 1983.
- تمثال أمام ملعب الطيب المهيري: 2017.
- إلغاء الرقم 8 في النادي الرياضي الصفاقسي تكريماً له: 2017.
- تغيير اسم الملعب الأولمبي برادس إلى اسمه: 2020.
حمادي العقربي ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو رمز من رموز الكرة التونسية، الذي ترك إرثًا رياضيًا كبيرًا وحقق العديد من النجاحات التي ستظل خالدة في ذاكرة الجماهير التونسية.

عزالدين شقرون: الهداف التاريخي الذي ترك بصمته في كرة القدم التونسية
عزالدين شقرون، الذي وُلد في 13 يونيو 1948 في صفاقس، تونس، هو أحد أعظم الهدافين في تاريخ كرة القدم التونسية. يعتبر الهداف التاريخي لبطولة الرابطة التونسية المحترفة الأولى مع نادي سكك الحديد الصفاقسي. يتميز شقرون بقدرته الفائقة على تسجيل الأهداف، وهو اسم لا يُنسى في تاريخ الكرة التونسية.
بدأ شقرون مسيرته الكروية في ناديه المحلي، النادي الرياضي الصفاقسي، قبل أن ينتقل إلى نادي سكك الحديد الصفاقسي، حيث توج بلقب الدوري التونسي في موسمه الأول وسجل 9 أهداف في 22 مباراة. مع مرور السنوات، استمر شقرون في التألق في الدوري التونسي، ليحقق لقب الهداف في موسم 1972-73 بعد أن سجل 23 هدفًا في 26 مباراة، وهو ما عزز مكانته كأحد أفضل المهاجمين في تاريخ البطولة.
على الصعيد الدولي، كان شقرون جزءًا أساسيًا من المنتخب التونسي، حيث سجل 19 هدفًا في 40 مباراة، ليصبح صاحب الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف في تاريخ المنتخب التونسي حتى عام 2001. عُرف شقرون أيضًا بلعبه في كأس فلسطين للأمم عام 1973، ليُضاف إلى سجله الدولي الذي شهد مشاركات رائعة.
التتويجات والإنجازات:
- الرابطة التونسية المحترفة الأولى: 1967–68
- كأس فلسطين للأمم: 1973
- هداف الرابطة التونسية المحترفة الأولى: 1972–73
- الحذاء الذهبي التونسي: 1972–73
عزالدين شقرون هو أحد أعمدة كرة القدم التونسية، ورغم اعتزاله المبكر، إلا أن إرثه الكروي بقي حيًا في قلوب عشاق كرة القدم التونسية، حيث ترك بصمة لا تُنسى على المستوى المحلي والدولي.

حاتم الطرابلسي: النجم الذي ترك بصمة في تاريخ الكرة التونسية
حاتم الطرابلسي، الذي وُلد في 25 يناير 1977 في صفاقس، تونس، يُعد واحدًا من أبرز اللاعبين الذين مروا بتاريخ كرة القدم التونسية. بدأ مسيرته في النادي الرياضي الصفاقسي، ثم حقق شهرة واسعة على الصعيدين المحلي والدولي، ليُعتبر من أعظم اللاعبين في تاريخ تونس.
بدأ الطرابلسي مسيرته الكروية في فريقه المحلي، النادي الرياضي الصفاقسي، حيث تدرج في الفئات السنية قبل أن ينضم إلى الفريق الأول. وفي عام 2001، انتقل إلى نادي أياكس أمستردام الهولندي، حيث أصبح أحد أبرز لاعبيه وحقق العديد من الإنجازات. قضى 5 سنوات في أياكس، وأصبح نجمًا بارزًا في الدفاع، ليُعتبر من أفضل اللاعبين في مركزه على مستوى أوروبا.
على الصعيد الدولي، كان حاتم الطرابلسي أحد الأعمدة الأساسية للمنتخب التونسي، حيث شارك في ثلاث نسخ من كأس العالم (1998، 2002، 2006) وحقق مع منتخب بلاده بطولة كأس الأمم الأفريقية 2004. ترك الطرابلسي بصمة كبيرة على المستوى الدولي وكان أحد أفضل اللاعبين في مركزه في تاريخ المنتخب التونسي.
التتويجات والإنجازات:
النادي الرياضي الصفاقسي:
- بطل كأس الاتحاد الأفريقي للأندية: 1998
- بطل كأس العرب للأندية الأبطال: 2000
أياكس أمستردام:
- بطل الدوري الهولندي الممتاز: 2001–02، 2003–04
- بطل كأس هولندا: 2001–02، 2005–06
- بطل كأس السوبر الهولندي: 2002، 2005
المنتخب التونسي:
- كأس الأمم الأفريقية: 2004
حاتم الطرابلسي هو واحد من أبرز نجوم الكرة التونسية الذين قدموا الكثير على الصعيدين المحلي والدولي، حيث ترك إرثًا كبيرًا في تاريخ الكرة التونسية، سواء من خلال إنجازاته مع الأندية أو من خلال مشاركاته الدولية مع المنتخب.

راضي الجعايدي: أسطورة الدفاع التونسي
راضي بن عبد المجيد الجعايدي، الذي وُلد في 30 أغسطس 1975 في مدينة ڨابس، تونس، هو أحد أعظم المدافعين في تاريخ كرة القدم التونسية. امتدت مسيرته الكروية على مدار عقدين من الزمن، حافلة بالإنجازات المحلية والدولية، ليصبح رمزًا للدفاع الصلب والإبداع التكتيكي.
بداياته ومسيرته الاحترافية
بدأ راضي الجعايدي مسيرته الكروية مع الملعب القابسي عام 1988، قبل أن ينتقل في 1992 إلى نادي الترجي الرياضي التونسي. خلال 12 عامًا مع الترجي، لعب 288 مباراة وسجل 20 هدفًا، وشكّل ثنائيًا دفاعيًا مميزًا مع خالد بدرة، محققًا العديد من البطولات المحلية والقارية.
في عام 2004، خاض أولى تجاربه الاحترافية في أوروبا مع نادي بولتون واندررز الإنجليزي، حيث لعب 43 مباراة وسجل 8 أهداف خلال موسمين. في عام 2006، انتقل إلى برمنغهام سيتي وشارك في 86 مباراة، مسجلًا 6 أهداف. ثم أكمل مسيرته مع ساوثهامبتون بين عامي 2009 و2012، حيث خاض 58 مباراة وأحرز 4 أهداف.
على الصعيد الدولي، مثل الجعايدي منتخب تونس في 105 مباريات دولية وسجل 7 أهداف، وكان جزءًا من الجيل الذهبي الذي تُوج بلقب كأس الأمم الأفريقية 2004. كما شارك في كأس العالم عامي 2002 و2006، مسجلًا هدفًا في مرمى السعودية خلال مونديال 2006.
مسيرته التدريبية
بعد اعتزاله، دخل الجعايدي مجال التدريب، حيث بدأ مع أكاديمية ساوثهامبتون (2017-2019)، ثم قاد فريق هارتفورد أتلتيك الأمريكي (2019-2020). في 2021، شغل منصب مساعد مدرب في سيركل بروج البلجيكي، قبل أن يعود إلى تونس لقيادة الترجي الرياضي التونسي موسم 2021-2022.
التتويجات والإنجازات
الألقاب مع الأندية:
- الرابطة التونسية المحترفة الأولى: 7 مرات (مع الترجي).
- دوري أبطال أفريقيا: 1994 مع الترجي.
- كأس تونس: 1997 و1999.
مع المنتخب الوطني:
- كأس الأمم الأفريقية: 2004.
الجوائز الفردية:
- مدافع العام في الدوري التونسي عدة مرات.
- أحد أفضل المدافعين في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
إرثه وتأثيره
راضي الجعايدي ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل أسطورة حقيقية ألهمت الأجيال التونسية بإنجازاته ومثابرته. سواء على الملاعب أو على الخطوط الجانبية كمدرب، ترك بصمة لا تُنسى في كرة القدم التونسية والإفريقية.
الخاتمة
على مر التاريخ، أفرزت كرة القدم التونسية نجومًا تركوا بصمات لا تُمحى في قلوب عشاق المستديرة وفي صفحات التاريخ الرياضي. هؤلاء اللاعبون الخمسة: طارق ذياب، زياد التلمساني، راضي الجعايدي، خالد بدرة، وعز الدين شقرون، ليسوا مجرد أسماء لمعوا في الملاعب، بل هم أيقونات جسدت روح التحدي والإنجاز.
طارق ذياب أبهج الجماهير بأهدافه الساحرة وتمريراته الحاسمة، وكان رمزًا للإبداع في فترة كانت فيها الكرة التونسية تبحث عن أبطال يحملون آمال الشعب. زياد التلمساني أسطورة هجومية تميزت بالدقة والقوة، بينما راضي الجعايدي كان صخرة دفاعية قادت المنتخبات والأندية إلى تحقيق إنجازات رائعة. خالد بدرة بدوره، مثل قائدًا حقيقيًا في الملاعب، يجسد روح الإصرار والالتزام. أما عز الدين شقرون، فقد كان المهاجم الذي ألهب حماس الجماهير بأهدافه الحاسمة، ليصبح رمزًا للجيل الذهبي في كرة القدم التونسية.
ما يجمع بين هؤلاء النجوم ليس فقط موهبتهم المذهلة، بل أيضًا قدرتهم على تجاوز الصعوبات وإلهام الأجيال القادمة. إن قصصهم مليئة بالدروس والعبر لكل شاب تونسي يحلم بالوصول إلى القمة في عالم كرة القدم. بفضل عطائهم وتفانيهم، أصبحت تونس معروفة عالميًا كأرض للمواهب الكروية المتميزة، وأصبحوا قدوة لمن يسعون إلى كتابة أسمائهم بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الرياضي.
هؤلاء اللاعبين لن يُنسَوا أبدًا لأنهم لا يمثلون فقط مجد الماضي، بل يجسدون طموح المستقبل لكل عشاق كرة القدم في تونس وخارجها. إن إرثهم سيبقى حيًا في كل مباراة تُلعب، وفي كل حلم يولد في ملاعب تونس.